موضوع: الاقتصاد الليبي الجمعة يونيو 24, 2011 8:16 pm
الاقتصاد الليبي مرتبط بالنفط وتؤخره البيروقراطية الإدارية رغم الإشارات إلى انفتاح اقتصادي، تواجه ليبيا، التي تعد من أغنى الدول الأفريقية، صعوبات في تحديث اقتصادها، الذي يتأثر بتقلبات أسعار النفط، ويؤخره تفشي الفساد في القطاع العام والبيروقراطية الإدارية. وكانت ليبيا منذ أكثر من ثلاثة عقود تطبق النظام الاشتراكي المتشدد، لتجعل من الدولة الراعية لكل الأنشطة الاقتصادية في البلاد. إلا أنها تراجعت عن هذه السياسة الاقتصادية بعد أن فشلت في إدارتها، مخلفة وراءها خسائر كبيرة تجاوزت مليارات الدولارات نتيجة البيروقراطية الإدارية وتفشي الفساد في القطاع العام. ومع رفع الحظر الدولي الذي فرض على ليبيا من 1993 إلى 2003 إثر اتهامها بدعم الإرهاب، طبقت سلسلة من الإصلاحات لتحرير الاقتصاد. فقد شجعت الدولة القطاع الخاص على الدخول في النشاط الاقتصادي للبلاد، وقررت أن تتخلى عن دور الدولة الراعية بتخفيض الدعم وتشجيع سوق العمل الخاص للقضاء على البطالة في هذا البلد، الذي لا يتجاوز عدد سكانه خمسة ملايين نسمة. وتنتج ليبيا، العضو في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، نحو 1.8 مليون برميل يوميا من النفط، بينما يقدر احتياطيها بـ42 مليار برميل. ويشكل النفط أكثر من 95 في المائة من الصادرات و75 في المائة من ميزانية الدولة. ولكن هذه الموارد الضخمة لم تساهم في تحسين أهم القطاعات في البلاد، أي التعليم والصحة والبنية التحتية، مما دعا الزعيم الليبي معمر القذافي، إلى «التهديد بثورة أخرى يقودها مع الفقراء ضد الفساد». وبحسب تقرير لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أعدته عفاف قبلاوي، فقد اتهم القذافي «الجهاز الإداري والوزارات بالفشل». وقال إنه «سيدعو لإلغاء هذه الوزارات وتوزيع الثروة على الشعب مباشرة للقضاء على الفقر والفساد». لكن هذا القرار لم يدخل بعد حيز التنفيذ. وكان سيف الإسلام، نجل القذافي، نبه بشدة إلى «التزاوج المشبوه بين أجهزة الدولة والقطط السمان» التي تعترض على الإصلاح، معتبرا أنهم «وراء تفشي الفساد في البلاد». وقال تقرير لبعثة من صندوق النقد الدولي نشر 2009 إنه «من المهم تحسين أداء إدارة الدولة في ليبيا، وتحسين الإطار التنظيمي من أجل تحسين مناخ الأعمال وتحسين الإحصائيات الاقتصادية والمالية والمعايير المحاسبية بما يتماشى مع الممارسات الدولية». وترى البعثة الاقتصادية الفرنسية في طرابلس، أنه «ما زال يجب القيام بعمل كبير في مجال الأداء اليومي للدولة، الذي ما زال بطيئا وفيه الكثير من الإجراءات». وفي خطة التنمية للأعوام 2008 ـ 2012 قررت ليبيا رصد 75 مليار دولار لمشاريع كبيرة وضخمة لتحسين وتجديد البنية التحتية. لكن هذه التوقعات خفضت بعد تراجع أسعار النفط. ومع تنامي المشاريع الكبيرة تجد ليبيا نفسها أمام نقص في اليد العاملة المؤهلة، ونقص في مواد البناء. وترى البعثة الفرنسية أن «كل هذه المواد يتم توريدها من الخارج، لهذا قفزت الأسعار بصورة كبيرة، خاصة أسعار العقارات». وتستورد ليبيا نحو تسعين في المائة من احتياجاتها من المواد الغذائية والتجهيزات. وازدياد الواردات بنسبة 29 في المائة في 2008، عوضت عنه زيادة في صادرات النفط مما سمح ليبيا بتحصيل 106 مليار دولار من العملة الصعبة، يخصص جزء منها للاستثمار الخارجي خصوصا في القارة الأفريقية. وفي مجال المحروقات شاركت أربعون شركة أجنبية من كل العالم في أربعة مزادات لاستكشاف النفط في ليبيا، للوصول إلى هدف إنتاج ثلاثة ملايين برميل في 2013. ويقدر احتياطي ليبيا من الغاز بـ1314 مليار متر مكعب. كما سجلت ليبيا نموا بلغ معدله 8 في المائة بين 2003 و2008، وأبرمت عقودا للحصول على تجهيزات في السنوات الأخيرة مع شركات عدة متعددة الجنسيات.
ورغم ارتفاع عائدات النفط، يشكو المواطن الليبي من ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية والعقارات، مما دعا الصحف الليبية إلى الدعوة لتأميم التجارة. وقالت صحيفة «الشمس» الرسمية إن «المحتكرين والمستغلين يقدمون التجار نموذجا مناقضا للقسوة». وتساءلت «هل يعقل أن تصبح ليبيا فجأة وخلال أيام من أغلى بلاد العالم في أسعار السلع الغذائية الأساسية والاستهلاكية؟ وهل يعقل أن نقف صامتين ونحن نكاد نرى بطون أهلنا خاوية؟». وأضافت «أمام ما يحدث وما سيحدث إذا استمر الاستغلال واستمر الصمت والصبر الذي لا معنى له، لا بد من وقفة تعيد الأمور إلى نصابها والحقوق إلى أصحابها». وتابعت إنها «وقفة أو انطلاقة تاريخية إلى الأمام لا تكون بغير تأميم التجارة وعودة الأسواق والجمعيات والتعاونيات، ولكن بآليات جديدة وإدارات عصرية كما حدث في الماضي».